أكد تقريرٌ نشره موقع “ميدل ايست آي” البريطاني أن الولايات المتحدة تستخدم القواعد الإماراتية الموجودة في البحر الأحمر والساحل الأفريقي في عملياتها “الرمادية” في المنطقة.
وأشار إلى أن القوات الأمريكية تستخدم بهدوء منشآت عسكرية أقامتها الإمارات في القرن الأفريقي ، كما تستخدمها أبوظبي بصورة مشبوهة في السودان والصومال واليمن.
ويشير التقرير إلى أن الإمارات طُوِّرت قواعدها البحرية بالتعاون الوثيق مع إسرائيل والولايات المتحدة، واستُخدمت في احد مهامها لمراقبة نشاط الحوثيين، خصوصًا بعد بدء الحوثيين، استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل دعمًا للفلسطينيين في غزّة.
ويسلط التقرير الضوء على التناقض في ادعاء الولايات المتحدة انها تريد كبح جماح الدعم الإماراتي للدعم السريع الذي يرتكب مجازر إبادة في السودان بينما تعمل واشنطن انطلاقا من قواعد إماراتية أقامتها في المنطقة تشكل عنصرا حيويا في إمداد قوات الدعم السريع.
وتقول مصادر أمريكية مطلعة على العمليات ومسؤولون في إدارة بونتلاند لموقع ميدل إيست آي إنه في حين طورت الإمارات ميناء بوساسو الصومالي كنقطة انطلاق لتزويد قوات الدعم السريع في السودان، فإن الولايات المتحدة تستخدمها كنقطة انطلاق لمهامها في المنطقة.
وقال أمجد فريد الطيب، مدير “منظمة فِكرة” السودانية للسياسات العامة، لـ”ميدل إيست آي” إن “الإمارات كانت شديدة الحرص على السيطرة على خطوط الملاحة حول خليج عدن والبحر الأحمر.
إنها تنفّذ المشروع ذاته الذي طبقته بريطانيا في القرن التاسع عشر، والقائم على خلق عدم الاستقرار والتحكم في الموانئ، كما فعلت في اليمن مع عدن”.
وذكر ألون بينكاس، الدبلوماسي الإسرائيلي والمستشار السابق لأربعة وزراء خارجية، لـ”ميدل إيست آي”: “العلاقة بين الإمارات وإسرائيل كانت متقدمة جدًا حتى قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية رسميًا عام 2020، لكنها كانت قائمة بهدوء، دون أن تكون سرية تمامًا”.
وبينما تعتمد الولايات المتحدة على بوساسو لشنّ عملياتها التي تعرف بالرمادية في اكثر من مكان في المنطقة تحول ميناء بوساسو إلى جزء دائم من “الجسر الجوي” الإماراتي إلى السودان.
شبكة بحرية
وتربط الطرق البحرية القواعد الإماراتية في جزر سقطرى وعبد الكوري وسمحة اليمنية، إضافة إلى المخا على الساحل الجنوبي لليمن، بمدينة بوساسو ومدينة بربرة الصومالية.
وبعيدًا عن حركة الطائرات والسفن بين هذه القواعد، تتسم جميع القواعد الإماراتية ببنية تشغيلية موحّدة: تشكّل المدارج والحظائر والمنشآت الاستخباراتية تشكل متكاملة تدل على تنسيق لوجستي واستخباراتي مُدار من غرفة عمليات إقليمية واحدة.
ويبدو أن تواجد الإمارات في بونتلاند وأرض الصومال ليس مجرد وجود عسكري محدود، بل جزء من مشروع إقليمي واسع متعدد المسارات، يغطي البحر والجو على حد سواء، ويمتد من الجزر اليمنية إلى سواحل القرن الإفريقي.
منصة كريستال بول
وتتعاون الإمارات وإسرائيل عبر منصة استخباراتية مشتركة تُعرف باسم «كريستال بول» (Crystal Ball)، حيث يقوم الطرفان، وفقًا لعرضٍ ترويجي للاتفاق، بـ«تصميم ونشر وتمكين قدرات استخباراتية إقليمية معززة» بالشراكة.
وقال (آلون بينكاس)، الدبلوماسي الإسرائيلي الذي شغل منصب مستشار لأربعة وزراء خارجية، في تصريحٍ لموقع ميدل إيست آي: "كانت العلاقة بين الإمارات وإسرائيل متطوّرة للغاية حتى قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية، لكنها كانت تجري بهدوء. لم تكن سرية، بل هادئة فحسب".
ولم تُشَيَّد هذه القواعد على أراضٍ تخضع رسميًا لسيادة الإمارات، بل أُقيمت في مناطق يسيطر عليها حلفاؤها شكليًا، ومن بينهم المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، والقائد العسكري اليمني (طارق صالح)، إلى جانب الإدارات الإقليمية في أرض الصومال وبونتلاند (وكلاهما جزءٌ من الصومال الذي تتسم علاقاته مع الإمارات بالتوتر).
وقد جرى بناء أو توسيع قواعد عسكرية ومدارج طائرات ومنشآت أخرى في عبد الكوري وسمحة، وهما جزيرتان ضمن أرخبيل سقطرى الذي بات اليوم تحت إدارة المجلس الانتقالي الجنوبي؛ وكذلك في مطاري بوصاصو وبربرة في بونتلاند وأرض الصومال؛ وفي المخا باليمن؛ إضافةً إلى جزيرة ميون البركانية في مضيق باب المندب، الممر الذي يعبر من خلاله نحو 30٪ من نفط العالم.
وتشكّل هذه الشبكة من القواعد أداةً رئيسية لتمكين الإمارات وحلفائها من السيطرة على هذا الممر المائي الحيوي، وقد جرى تطويرها بتنسيقٍ وثيق مع إسرائيل، وفقًا لمصادر إسرائيلية.
وتوفر هذه القواعد بنيةً موحّدة لأنظمة الدفاع الصاروخي وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل والإمارات وحلفائهما الآخرين.

